بقلم / أ. إبراهيم عيسى .. لن تكون الأخيرة

أخيرًا أكدوا أن اختفاء زوجة كاهن ديرمواس الذي فجر غضب الأقباط لم يكن خطفًا من مسلمين لإدخالها الإسلام بل كان غيابًا عاديًا واختفاء عائليًا. هذه قصة بدت أنها انتهت علي خير وحمد الله علي السلامة رغم أنني لا أعرف كيف لم تسمع هذه السيدة بالمظاهرات بسببها فتكلمت وفسرت وأنهت الجدل؟ ولماذا لم يتصل منذ اللحظة الأولي أقاربها أو صديقتها بالزوج وبالكنيسة لطمأنتهم أنها ليست مخطوفة فتهدأ خواطر الأقباط المنفعلة؟!، لكن سأنصرف عن هذه الأسئلة المنطقية في وطن يسوده اللف والدوران وأخيب ظنكم فأؤكد أنها لن تكون آخر زوجة كاهن تختفي:

1- لأن هناك هوسًا لدي متطرفين مسلمين يعتقدون أن تحويل مسيحي عن دينه انتصار للإسلام وفوز لهم بالجنة، والحلقة الضعيفة هي المرأة، حيث تطرق رأسها مطارق الإغراء ويكون مدخلها العاطفة ومخرجها الطلاق والزواج، كما أن المسلمين يتعاطفون كذلك مع جذب امرأة مسيحية للإسلام ذلك الذي ربما لا يعرفه هؤلاء المسلمون حقًا ولا صدقًا ولا يفهمون حقيقته ولا يعلمون جوهره وقد لا يصلي منهم البعض، ومع ذلك فإنهم يتبرعون بالمال وأحيانًا بالشقق ليكفلوا المرأة المسيحية التي تشهر إسلامها، ويدافعون عنها ويدفعون لها كأنها بوابة دخول الجنة وغفران الله لخطاياهم.

2- لأن هناك قانونًا كنسيًا، يعتقده البعض جائرًا، يمنع الطلاق فتلجأ الزوجة المسيحية التي لا تطيق زوجها وتضيق به وبظروفه إلي الخروج عن دينها من أجل الخروج من بيت الزوجية، وتدفع تضحية كبيرة وغالية لأن ما وصلت إليه من يأس وقنوط وإحباط أسود يأكل مقاومتها ويفكك قوة تمسكها بدينها أو بمذهبها فيدفع من حرم الطلاق بين الأقباط ثمن تحريمه!

3- لأن هناك مهاويس متطرفين يعتقدون أن نجاحهم في أسلمة زوجة كاهن أو مسيحي انتصار للإسلام علي المسيحية، وكأن القس أو الكاهن لم يفلح في تثبيت دين زوجته وكأن الإسلام بعظمته أكثر إقناعًا وأشد جذبًا، تمامًا كما يعتقد مهاويس آخرون أن تنصير شاب ابن أسرة متدينة أو ابن شيخ هو انتصار للمسيحية ويبذلون جهدًا كبيرًا وهائلاً من أجل ضم هذا الشاب إلي المسيحية حتي تبدو وقد انتصرت علي الإسلام في عقر داره وكشفت خواءه أمام دين قوي قويم مثل المسيحية!

4- لأن هناك حمقي ومتطرفين يجهلون أن الإغراء والإغواء بالمال أو الزواج أو بالدعم والحماية أو بعقاب الزوج والنيل منه هو إكراه في الدين يسحب أي شرعية من التحول في الدين ويجعله حرامًا مغلفًا بالنوايا الحسنة.

5- لأن هناك متعصبين لا يفهمون أن هذا التحول الديني يكون مصحوبًا بالضغوط وبلحظات الضعف وبالرغبة في التمرد علي زوج أو عائلة فينتهي الأمر بصاحبه إلي مراجعة نفسه وتراجعه عن خطوته والعودة إلي مسيحيته، فتمتلئ المحاكم بالعائدين إلي المسيحية باحثين عن حقوق الاعتراف بهم وتشريع الخروج من الملة والمروق من الدين فيتحول إحساس النصر لدي المسلم بأسلمة مسيحي إلي شعور بالحزن والهزيمة .

6- لأن هناك حساسية هائلة لدي الأقباط، وكأن تحول قبطي للإسلام يجرح كبرياء الدين أو يهدد المسيحية أو يظهر الأقباط أقل تمسكًا بدينهم فيتجاهلون أن الاختفاء ليس بالضرورة وراءه خطف جنائي، بل ربما سعي وإقبال وأن من تخرج عن زوجها ودينها وتهرب لتختفي برضاها تستحق التجاهل وإلي حيث ألقت، بدلا من توفير الذرائع والأسباب لإظهارها ضحية خطف ومؤامرة متعصبين!

7- لأن مصر صارت بلدًا متعصبًا وبلد كراهية بين أصحاب العقيدتين رغم النفاق المزري الذي نراه من رجال الدين من الناحيتين، ورغم كذب الحكومة الكذوب في نفي وجود أزمة واحتقان طائفي في البلد. مصر يسودها التطرف والتعصب والجهل سواء عند المسلمين أو المسيحيين بسبب الكبت والقهر والفساد وسيادة الدعاة السلفيين والوهابيين علي رؤوس المسلمين وسيطرة رجال الكنيسة والكهنوت علي مخ وحياة الأقباط.

أقول لكم صادقًا وصائحًا: الضربة في قلب مصر ستأتي من التعصب الطائفي.. فاحذروا!